لماذا رسائل النور؟



يسأل كثيرون: لماذا كلَّ هذه العناية برسائل النور؟

والجواب: إن رسائل النور جديرة حقًّا بالعناية والقراءة والمدارسة، وذلك لأنها تمتاز بمزايا كثيرة، نذكر منها:

أولًا: الفوز بالإيمان التحقيقي

أعظم مكسب يناله قارئ رسائل النور: الارتقاء من الإيمان التقليدي إلى الإيمان اليقيني التحقيقي الراسخ الذي لا يتزعزع، ولو لم يكن لقراءة رسائل النور من ثمرةٍ سوى إحياء الإيمان وتقوية الإيمان في قلب قارئها لكانت جديرةً بكل عنايةٍ وتقدير، ذلك أن أهم وأعظم ما يحتاجه كل إنسان في كل زمان هو الإيمان التحقيقي.

ثانيًا: الخلاص من الشبهات

يحكي كثير ممن قرؤوا رسائل النور أنهم وجدوا في مطالعتها الخلاصَ والتعافي من الشكوك والشبهات التي كانت تخالجهم، والحقيقة أن هذه واحدةٌ من أبرز مزايا رسائل النور، فإنها تُخلِّص قارئها من الشكوك والإشكالات، وتَعود عليه بالنفع الخالص كما يقول الأستاذ النورسي: إن رسائل النور نور، والنورلا يتأتى منه ضرر.

وإذا كانت بعض المؤلفات تَعرِض شبهاتِ أهل الضلالة والزيغ لترد عليهم وتبيِّن ضلالَهم، فمَن يَضمن ألا يتشوش ذهن القارئ بشبهةٍ لا يجد لها جوابًا مُقنِعًا؟ بل ما الداعي إلى ذكر شبهةٍ هو في غنًى عن إيرادها إلى قلبه؟

إن رسائل النور تمتاز بالنقاء التام، فإنها تَرُدُّ على الشبهات من غير أن تُصرِّح بذكرها، فيَشفى السقيم، ولا يتضرَّر السليم.

ثالثًا: مخاطبة كافة الطبقات والفئات

وهذه المزية سرٌّ من أسرار القرآن العظيم يَسري في رسائل النور إذ هي تفسيرٌ له؛ فإنها تخاطب الكافة: الأمِّيَّ والعالِم، والشباب والشيوخ، والرجال والنساء، والطائع والمقصّر، المؤمن وغير المؤمن، وما من أحد يقرؤها إلا وينتفع بها بحسب استعداده وقابليته وتحريه الإنصاف.

هذا وإن رسائل النور لا تُدخِل قارئها في جدالاتٍ مذهبيةٍ داخل الصف الإسلامي، بل تستنفر القوى كافة لمواجهة عدو واحد هو الكفر والإلحاد، فهو العدو الحقيقي للإنسان، كلِّ إنسان، وهذه هي المعركة الحقيقية التي ينبغي توحيدُ الصفوف لها، ونبذُ العداوات الجانبية والمصطنعة، ولهذا السبب تلتقي عند منهل رسائل النور كافة المشارب والمسالك من غير ضغينة ولا مغالاة.

رابعًا: مخاطبة العقل والقلب معًا

إذا كان يَغلب على المؤلَّفات مخاطبةُ الإنسان في جانبٍ دون آخر من جوانب شخصيته، فإن رسائل النور تَجمع بين خطاب العقل وخطاب القلب في تناغم وتكامل، ومن شأن هذا أن يوقظ المرء من غفلته ويورثه إخبات القلب وصلاحَ الأحوال.

وكذلك تُنوِّع رسائلُ النور الأساليب بحسب المقام، فتجد فيها سرد القصةَ، وضرب الأمثلة، ورقائق الموعظة، وحِجاجَ العقل والمنطق، كلُّ ذلك في تكاملٍ وتألف، ومن شأن هذا أن يجدد النشاط ولا يورث السآمة.

خامسًا: التفكر الإيماني

أحد أبرز مزايا رسائل النور أنها تُطبِّق عمليًا قولَ الله تعالى: (ويتفكرون في خلق السموات والأرض)، ولئن كان التفكر في خلق الله تعالى من أشرف العبادات وأعظمها أجرًا، فإنه كذلك من أحوج ما يحتاجه أبناء هذا الزمان ممن يدرسون العلوم المادية الحديثة التي تَعرِض موجودات العالَم بمنظار المادة وحدَها، وتُغرِق المتعلم في تيه الكثرة، وإن رسائل النور تعلِّم قارئَها منهاجَ التفكر الإيماني وتُمَلِّكه أدواته، فيقرأ الكونَ من حيث هو كتاب الله المنظور، وينتقل من شتاتِ الكثرةِ إلى جامعية التوحيد.

وليس مبالغةً القول: إنه لا يوجد في كتب علوم الدين مرجعٌ يؤصِّل التفكر الإيماني ويطبقه على أوسع نطاق وبأدق التفاصيل كرسائل النور.

سادسًا: الفقه الأكبر

يقول رسول الله ﷺ: «مَن يُرِد الله به خيرًا يفقهِّه في الدين»، والفقه في الدين مرتبتان: فقهٌ أكبر بمعرفة حقائق الإيمان معرفةً يقينيةً راسخة، وفقهٌ أصغر بمعرفة الأحكام العملية المترتبة على الإيمان، وإن رسائل النور تُعنى بهذا الفقه الأكبر، فتقدِّم المعرفةَ الإيمانيةَ التي على أساسها تَقوم الأعمال وتتقوم.

سابعًا: تفسير القرآن

إن رسائل النور نمطٌ فريدٌ في تفسير القرآن، فإذا كانت التفاسير التي بين أيدينا تفسر القرآن الكريم كلمة كلمة، أو آية آية، فإن رسائل النور تفسر مقاصد القرآن الكبرى وغاياته العليا، وبهذا يكتسب قارئها نظرة كليةً في فهم القرآن وتدبره، وتتجلى له حكمة القرآن، ويعتصم من التأويلات الفاسدة والفهوم الضالة.

ثامنًا: بركات الهداية والصلاح

لا تخطئ العينُ التغيرَ المبارك الذي ينال قراءَ رسائل النور، إذ لا يلبث المرء أن يجد بركات هذه الرسائل في نفسه من يقظةِ قلبٍ، وتزكيةِ نفسٍ، واستنارةِ فكرٍ، واستقامةِ مسلكٍ، وصلاحِ حالٍ إلى كثيرٍ من علامات الهداية والصلاح، وتفصيلُ هذا لا يتسع له هذا المقام، لكن يمكن الاطلاع على نماذج منه في مقالٍ مستقل.


المقالة التالية المقالة السابقة
لا توجد تعليقات
اضـف تعليق
comment url